للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"ونقل السيوطي في "تدريب الراوي" كلام الحافظ ابن حجر بنحو ما نقله السخاوي، ولكنه لم يذكر قائله، وزاد بعد الكلام على شرط ابن حبان: وهذا دون شرط الحاكم؛ حيث شرط أن يخرّج عن رواه خرّج لمثلهم الشيخان في "الصحيح"، فالحاصل أن ابن حبان وفى بالتزام شروطه، ولم يوف الحاكم".

قلت: فأنت إذا جمعت أطراف ما نقله الشيخ أحمد عن السخاوي من كلام ابن حجر، ثم عن السيوطي؛ وجدت ذلك كله يدور على شروطه التي ذكرها في تعديله لرجال "ثقاته" التي أجمعوا على نسبته إلى التساهل من أجلها، ولذلك قال في مطلع كلامه:

"لأنه غير متقيد بالمعدَّلين".

وابن حبان في شروط "صحيحه" قد قيد نفسه بهم في الشرط الأول، والثاني - كما تقدم -، ولا ينافي ذلك قوله عن الحافظ: "قد نازع في نسبته إلى التساهل ... "؛ لأنه إنما يعني أنه غير متساهل في نفسه ... بخلاف الحاكم الذي أخل بالوفاء بشرطه برواته فيما قالوا، ولي في ذلك نظر ليس هذا وقت بيانه (١)، ولذلك جعل السيوطي شرط ابن حبان دون شرط الحاكم كما رأيت، وما ذاك إلَّا لتساهل ابن حبان في شرط رواته، وتشدد الحاكم في شرطه أن يكونوا "خرَّج لمثلهم الشيخان"! فالحاكم متشدد في الشرط، متساهل في التطبيق، بخلاف ابن حبان؛ فإنَّه متساهل في الشرط، ملتزم في التطبيق عندهم، وباختصار أقول: لا منافاة بين قولَي الحافظ، فإنَّ ابن حبان غير متساهل في نفسه، متساهل عند ناقديه!

على أنني أرى أن الحافظ - رحمه اللَّه - تساهل مع ابن حبان في منازعته


(١) فراجع له كلام الحافظ في "النكت" (١/ ٣١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>