فدفعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِلى الزبير [بن العوام]؛ فمسّه بعذاب، و [قد] كان حُيَي قبل ذلك قد دخل خَرِبَةً، فقال: قد رأيتُ حُييًّا يطوف في خربة ها هنا، فذهبوا فطافوا؛ فوجدوا المَسك في الخَرِبة، فقتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابني [أبي] حُقَيق - وأَحدهما زوج صفية بنت حيي بن أَخطب -، وسبى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءهم وذراريهم، وقسم أَموالهم؛ للنكث الذي نكثوا، وأَراد أن يجليهم منها، فقالوا: يا محمد! دعنا نكون في هذه الأَرض نصلحها ونقوم عليها، [ولم يكن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا لأَصحابه غلمان يقومون عليها، وكانوا لا يتفرغون أن يقوموا عليها، فأَعطاهم (خيبر)؛ على أنَّ لهم الشطر من كلِّ نخل وزرع وشجر (١)، وما بدا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وكانَ عبد الله بن رواحة يأتيهم كلَّ عام يَخْرُصُها عليهم، [ثمَّ] يُضَمِّنُهم الشطر، قال: فَشَكَوْا إِلى رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - شدّة خَرصه، وأَرادوا أن يَرشوه فقال:
يا أَعداء الله! أَتطعموني السُّحت؟! والله لقد جئتكم من عند أَحبِّ الناسِ إِليّ، ولأَنتم أَبغض إِلي من عدَّتكم من القردة والخنازير، ولا يحملني بغضي إِيّاكم، وحبي إِيّاه على أَن لا أَعدل عليكم! فقالوا: بهذا قامت السماوات والأَرض.
قال: ورأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعيني صفية بنت حُيَي خُضرة، فقال:
"يا صفيّة! ما هذه الخضرة؟ ".
(١) الأَصل: (وسني) وفي "الإحسان": (شيء)، وكذا عند البيهقي! لكن عزاه إِليه الحافظُ في "الفتح" (٥/ ١٣) باللفظ المثبت أَعلاه: (وشجر)، وأَرى أنّه الصواب؛ لأنّه من غير المعقول أنَّ يكون في الشروط ما هو نكرة غير معروف: (شيء)! فتأمل.