كتابنا هذا، ومن صح عندنا أنه غير عدل بالاعتبار الذي وصفنا؛ لم نحتجَّ به، وأدخلناه في (كتاب المجروحين من المحدثين)".
ثم أتبع الداراني ذلك بقوله:
"فابن حبان يعتد بهذه الشروط الآنفة الذِّكر في كل شيخ من رواة السند، ومن ثم يحكم على الحديث بالصحة، ويدرجه في كتابه هذا"!
ثم أضاف إلى ذلك وصفه إياها بقوله:
"وهي شروط دقيقة تتطلب جهدًا كبيرًا، ويقظة تامة، وإحاطة واسعة؛ قد التزمها ووفى بها في عامة ما أدرجه في "صحيحه" هذا من الأحاديث"!!
قلت: هذا من الأدلة الكثيرة على أنه إمعة لا تحقيق عنده، وأنه إنما يجتر ما عند غيره، وأنه يهرف بما لا يعرف؛ بل بما هو باطل له قرنان!
ولست أدري - واللَّه - كيف استقام في ذهن هذا الرجل العاقل شهادته لابن حبان بأنه وفى بهذه الشروط الخمسة، وهو يعلم أن شرطه في "الثقات" يخالف أكثرها كما تقدم بيانه؟! ومنها قوله: "العدل من لم يعرف بجرح"، ثم تبناه الرجل في كل تخريجاته؛ مهما كان المخالفون له علمًا وعددًا، فما من حديث فيه مجهول وثقه ابن حبان، وخالفه الحفاظ؛ إلَّا عارضهم بشعاره: "وثقه ابن حبان"! غير مبالٍ بالمخالفين من الحفاظ؛ تنصيصًا لا تأصيلًا فقط؛ بل وربما رماهم بالجهل! فانظر - مثلًا - إلى قوله في ترجمته لِـ (سمرة بن سهم القرشي الأسْدي)(٨/ ١٤٤):
"ترجمه البخاري في "الكبير"(٤/ ١٧٩)، ولم يورد فيه جرحًا ولا تعديلًا، وتبعه على ذلك ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(٤/ ١٥٦)، وقال ابن المديني:"مجهول، لا أعرف روى عنه غير أبي وائل، وقال الذهبي في "الميزان" (٢/ ٢٣٤):