للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا عصبٍ، وتَقَدَّمْ في ذلك أشدَّ التقدُّم حتى لا يخفى على أحدٍ نهيٌ عنه. وقد ذُكِر لي أن كثيرًا ممَّن قبلك من النصارى قد راجعوا لبس العمائم وتركوا المناطق على أوساطهم واتَّخذوا الوَفْر (١) والجِمام (٢)، ولعَمْري إن كان يُصنع ذلك فيما قِبَلك إنَّ ذلك بك ضعفٌ وعجز، فانظر كلَّ شيء نهيتُ عنه وتقدَّمتُ فيه فلا تُرخِّص فيه ولا تغيِّر منه شيئًا.

حدثنا أحمد بن الحسين، حدثنا أحمد، حدثنا سعيد بن سليمان (٣)، ثنا أبو مَعشَر، عن محمد بن قيس وسعيد بن عبد الرحمن بن حبَّان (٤) قالا: دخل ناس من بني تَغلِب على عمر بن عبد العزيز عليهم العمائم كهيئة العرب، قالوا: يا أمير المؤمنين، أَلحِقنا بالعرب. قال: فمَن أنتم؟ قالوا: نحن بنو تغلب. قال: أَوَلستم من أوسط العرب؟ قالوا: نحن نصارى. قال: عليَّ بجَلَمٍ، فأخذ من نواصيهم وألقى العمائم، وشقَّ من رداء (٥) كل واحدٍ منهم شبرًا يُحزِم به. وقال: لا تركبوا السُّرُوج، واركبوا الأُكُف (٦)، ودَلُّوا رِجلَيكم


(١) كذا في الأصل، والوَفْر من المال وغيره: الكثير. والمراد هنا الوفرة من الشعر، وهو ما بلغ الأذنين، ويُجمع على «الوِفار».
(٢) جمع الجُمَّة، وهي من الشعر ما بلغ المنكبين. ويُجمع أيضًا على «الجُمَم»، وهو ما أثبته صبحي الصالح وخطَّأ ما في الأصل.
(٣) في الأصل: «سلمان»، تصحيف. هو سعيد بن سليمان الضبِّي الواسطي، الملقَّب بـ «سعدويه»، روى عن أبي معشر نجيح بن عبد الرحمن السِّندي.
(٤) لم أعرفه، وفي بعض نسخ «الاقتضاء» (١/ ٣٦٧): «سعد» بدل «سعيد».
(٥) في الأصل: «وراء»، تصحيف، والتصحيح من «الاقتضاء».
(٦) الظاهر أن المراد: اركبوا الحمير والبغال، ولا تركبوا الخيل، إذ الأُكُف (واحده: إكاف) تكون للحمير والسُّرُوج للخيل.