للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومِن حلق البدعة الحلقُ عند المصائب بموت القريب ونحوه. فأمَّا المرأة فيحرم عليها ذلك، وقد برئ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الحالقة والصالقة والشاقَّة (١)؛ فالحالقة: التي تحلق شعرها عند المصيبة، والصالقة: التي ترفع صوتها بالوَيل والثُّبور ونحوه، والشاقة: التي تشُقُّ ثيابها. وأمَّا الرجل فحلقه لذلك بدعةٌ قبيحةٌ يكرهها الله ورسوله.

وأمَّا حلق الحاجة والرخصة فهو كالحلق لوَجَعٍ أو قمل أو أذًى في رأسه من بُثُورٍ ونحوها، فهذا لا بأس به.

وأمَّا حلق بعضه وترك بعضه فهو مراتب: أشدُّها أن يحلق وسطه ويترك جوانبه كما تفعل شمامسة النصارى. ويليه أن يحلق جوانبه ويدع وسطه كما يفعل كثيرٌ من السِّفْلة وأسقاط الناس. ويليه أن يحلق مقدم رأسه ويترك مؤخَّره. وهذه الصور الثلاثة داخلةٌ في القَزَع الذي نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢)، وبعضها أقبح من بعضٍ.

فإن دعت الحاجة إلى ذلك لضررٍ برأسه أو لاستخراج أبخرةٍ (٣) تؤذي عينيه جاز حلقُ بعضه. وهل (٤) الأولى في هذه الحال: أن يقتصر على ما تندفع به الحاجة أو حَلْقُ جميعه؟ هذا فيه نظر.


(١) كما في حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - عند البخاري (١٢٩٦) ومسلم (١٠٤).
(٢) كما في حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أخرجه البخاري (٥٩٢٠) ومسلم (٢١٢٠).
(٣) في الأصل: «الحرة»، والمثبت أشبه. وأصلحه في المطبوع إلى «ضفيرة»!
(٤) في الأصل: «وهذا»، ولعله تصحيف المثبت.