للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الجويني في «النهاية» (١): اتفق الأصحاب على أنَّا نأمر الكفار بالتميُّز عن المسلمين بالغيار، وتفصيل ذلك إلى رأي الأمام.

وقال الأصحاب: يُمنَعون من ركوب الجياد، ويكلَّفون ركوب الحمير والبِغال، إلا النفيسة (٢) التي يُتزيَّن بركوبها فإنَّها في معنى الخيل، وينبغي أن تتميَّز مراكبهم عن المراكب التي يتميَّز بها الأماثل والأعيان من أهل الإيمان.

وقيل: ينبغي أن يكون رِكابهم: الغَرْز (٣)، وهو ركاب الخشب، ثم يُضطَرُّون إلى أضيق الطريق، ولا يمكَّنون من ركوب وسط الجَوادِّ إذا كان يطرقها المسلمون. وإن خَلَت عن زحمة الطارقين من المسلمين فلا حرج. ثم تكليفهم التميُّزَ بالغيار واجبٌ حتى لا يختلطوا في زيِّهم وملابسهم بالمسلمين.

قال: وما ذكرناه من تمييزهم في الدواب والمراكب مختلَفٌ فيه، فقال قائلون: التميُّز بها حتمٌ كما ذكرناه في الغيار. ومنهم مَن جعل ما عدا الغيار إذنًا (٤)، ثم إذا رأى الإمام ومَن إليه الأمر ذلك فلا مُعترَض عليه، وليس


(١) (١٨/ ٥٤ - ٥٥).
(٢) في مطبوعة «النهاية»: «ويكلَّفون ركوبَ الحُمُرِ، والبغالُ النفيسة».
(٣) في الأصل والمطبوع: «العرور»، تصحيف. وما ذكره الجويني في تفسيره لعله اصطلاح لهم في زمانهم، فإن في «الصحاح» (٣/ ٨٨٨) وغيره: الغرز: «ركاب الرحل من جلد، فإذا كان من خشب أو حديد فهو ركاب». وقال صاحب «العين» (٤/ ٣٨٢): كلُّ ما كان مِساكًا للرِّجْلَين في المركب يسمى غَرْزًا.
(٤) كذا رسمه في الأصل إلا أن الذال مهملة غير منقوطة، فقرأه صبحي الصالح: «أدنى»، والمثبت أشبه، أي: مأذونًا فيه، غير لازم. وفي مطبوعة «النهاية»: «أدبًا».