للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا يدلُّ على أنها إلى رأي الأمام، ولولا ذلك لكانت على قدرٍ واحدٍ في جميع المواضع، ولم يجُزْ أن تختلف.

وقال البخاري (١): قال ابن عيينة: عن ابن أبي نَجيحٍ قلت لمجاهدٍ: ما شأن أهل الشام عليهم أربعة دنانير، وأهل اليمن عليهم دينارٌ؟ قال: جُعل ذلك من أجل اليسار.

وقد زادها عمر أيضًا على ثمانيةٍ وأربعين فصيَّرها خمسين درهمًا (٢).

واحتجَّ الشافعي (٣) رحمه الله تعالى بأن الواجب دينارٌ على الغني والفقير والمتوسط بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدَّرها بذلك في حديث معاذٍ - رضي الله عنه -، وأمره أن يأخذ من كل حالمٍ دينارًا، ولم يُفرِّق بين غني وفقيرٍ، ولا (٤) جعلهم ثلاث طبقاتٍ، وسنةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحقُّ أن تُتَّبع من اجتهاد عمر.

ونازعه الجمهور في ذلك وقالوا: لا منافاةَ بين سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين ما فعله عمر - رضي الله عنه -، بل هو من سنته أيضًا. وقد قرنَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين سنته وسنة خلفائه في الاتباع (٥)، فما سنَّه خلفاؤه فهو كسنَّتِه في الاتباع. وهذا


(١) في "صحيحه" (كتاب الجزية) وقد تقدم.
(٢) أخرجه أبو عبيد (١٠٨) ــ وعنه ابن زنجويه (١٥٩) ــ وأبو القاسم البغوي في "مسند ابن الجعد" (١٤٨) والبيهقي في "الكبير" (٩/ ١٩٦).
(٣) انظر: "الأم" (٥/ ٤٢٥ وما بعدها)، و"المغني" (١٣/ ٢١١).
(٤) "لا" ساقطة من المطبوع.
(٥) في حديث العرباض بن سارية الذي أخرجه أبو داود (٤٦٠٧) والترمذي (٢٦٧٦) وغيرهما، وصححه الترمذي وابن حبان (٥) والحاكم (١/ ٩٥).