للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم يقال: يا لله العجب! أين ضرر المجاهرة بسبِّ الله ورسوله وكلامه ودينه على رؤوس الملأ، وقهر المسلمات وإن كنَّ شريفات على الزنا، إلى ضرر منع دينارٍ يجب عليه من الجزية؟!

وكذلك أين ضرر تحريقه لمساجد المسلمين والمنابر، إلى ضرر منعه لدينار وجب عليه!! فكيف يقتضي الفقهُ أن يقال: ينتقض عهده بمنع الدينار دون هذه الأمور؟ وأين ضرر امتناعه من قبول حكم الحاكم إلى ضرر مجاهرته بسبِّ الله ورسوله وما معه؟

وطريقة أبي البركات في «المحرر» (١) في تحصيل المذهب في ذلك أصحُّ طرق الأصحاب على الإطلاق. قال: وإذا لَحِق الذمِّي بدار الحرب مستوطنًا (٢)، أو امتنع من إعطاء ما عليه، أو التزام أحكام الملة، أو قاتل المسلمين= انتقض عهده. وإن قذف مسلمًا أو آذاه بسحر في تصرُّفاته لم ينتقض عهده، نصَّ عليه في رواية جماعة، وقيل: ينتقض.

وإن فتنه عن دينه، أو قتله، أو قطع عليه الطريق، أو زنى بمسلمة، أو تجسَّس للكفَّار أو آوى لهم جاسوسًا، أو ذكر الله أو كتابه أو رسوله بسوء= انتقض عهده، نصَّ عليه. وقيل: فيه روايتان بناءً على نصِّه في القذف، والأصحُّ التفرقة.

وإذا أظهر منكرًا، أو رفع صوته بكتابه، أو ركب الخيل ونحوه= عُزِّر ولم ينتقض عهده. وقيل: ينتقض إن شُرط عليه تركُه، وإلا فلا.


(١) (٢/ ١٨٧ - ١٨٨).
(٢) في الأصل والمطبوع: «متوطنًا»، خطأ.