للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك نقل الميموني (١) في الرجل من أهل الكتاب يقذف العبد المسلم: ينكَّل به، يُضرَب ما يرى الحاكم.

وكذلك نقل عنه عبدُ الله (٢) في نصراني قذف مسلمًا: عليه الحد.

قال: وظاهر هذا أنَّه لم يجعله ناقضًا للعهد بقذف المسلمين مع ما فيه من إدخال الضرر عليه بهَتْكِ عِرضه. انتهى.

فتأملَّ هذه النصوص، وتأمَّل تخريجه (٣)، فأحمد لم يختلف قوله في انتقاض العهد بسبِّ الله ورسوله والزنا بمسلمة، ولم يختلف نصُّه في عدم الانتقاض بقذف المسلم، فإلحاق مسبَّة الله ورسوله بمسبَّة آحاد المسلمين من أفسد الإلحاق، وتخريجُ عدم النقض به مِن نصِّه على عدم النقض بسبِّ آحاد المسلمين من أفسد التخريج. وأين الضرر والمفسدة من هذا النوع إلى المفسدة من النوع الآخر؟ وإذا كان المسلم يُقتَل بسبِّ الله ورسوله، والزنا مع الإحصان، ولا يُقتَل بالقذف، فكذلك الذِّمِّي. فالذي نصَّ عليه الإمام أحمد في الموضعين هو محض الفقه، والتخريج باطلٌ نصًّا وقياسًا واعتبارًا.

واشتراك الصور كلِّها في إدخال الضرر على المسلم لا يوجب تساويها في مقدار الضرر (٤) وكيفيته، فالمسلم إذا فعل ذلك فقد أدخل الضرر أيضًا مع التفاوت في الأحكام.


(١) كما في «الجامع» (٢/ ٣٤٣).
(٢) في «مسائله» (ص ٤٢٥) وعنه في «الجامع» (٢/ ٣٤٢).
(٣) في الأصل: «تحريمه»، تحريف.
(٤) في المطبوع: «الضرب»!