للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحكم المعلَّق بوصفين لا يَثبُت إلا بوجود أحدهما.

فالجواب من وجوهٍ:

أحدها: أنَّ هذا من باب تعليق الحكم بالوصفين المتلازمين اللَّذَين لا ينفَكُّ أحدهما عن الآخر، فمتى تحقَّق أحدُهما تحقَّق الآخر. وهذا كقوله تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ اِلرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ اُلْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ اِلْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهْ مَا تَوَلَّى} [النساء: ١١٤]، وكقوله: {وَلَا تَلْبِسُوا اُلْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا اُلْحَقَّ} [البقرة: ٤١]، وقوله: {وَمَن يَعْصِ اِللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا} [النساء: ١٤]، ونظائره كثيرةٌ جدًّا.

فلا يُتصوَّر بقاؤه على العهد مع الطعن في ديننا، بل إمكان بقائه على العهد [مع منعه] دينارًا (١) أقربُ من بقائه على العهد مع المجاهرة بالطعن في الدين، بل إن أمكن بقاؤه على العهد مع المجاهرة بالطعن في الدين وسبِّه اللهَ ورسولَه أمكن بقاؤه عليه مع المحاربة باليد ومنع إعطاء الجزية، وهذا واضحٌ (٢) لا خفاء به.

الجواب الثاني: أنَّه لا بدَّ أن يكون لكلِّ صفةٍ من هاتين الصفتين تأثير (٣) في الحكم، وإلا فالوصف العديم التأثير لا يتعلَّق به الحكم، فلا يَصِحُّ أن


(١) أي: من الجزية. وقد استشكل الناسخ «دينارًا» وكتب عليه «كذا» بالحمرة. وأما في المطبوع فصار «دينًا»! وبالتقدير الذي بين الحاصرتين يستقيم السياق، ولعله سقط هو أو نحوه لانتقال النظر.
(٢) في الأصل: «أوضح»، ولعل المثبت أشبه.
(٣) في الأصل والمطبوع: «ما يبين»، تصحيف. والتصحيح من «الصارم».