للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقال: مَن أكل وزنى حُدَّ. ثم قد تكون كلُّ صفةٍ مستقِلَّةً بالتأثير لو انفردت، كما يقال: يُقتَل هذا لأنَّه زانٍ مرتدٌّ.

وقد يكون مجموع الجزاء مرتبًا على المجموع، ولكلِّ وصفٍ تأثيرٌ في البعض، كما قال تعالى: {وَاَلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اَللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ اَلنَّفْسَ اَلَّتِي حَرَّمَ اَللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الفرقان: ٦٨].

وقد تكون تلك الصفات متلازمةً، كلٌّ منها لو فرض تجرُّده لكان مؤثِّرًا على سبيل الاستقلال، فيُذكَر إيضاحًا وبيانًا للموجِب (١).

وقد يكون بعضها مستلزمًا للبعض من غير عكسٍ، كما قال تعالى: {إِنَّ اَلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اِللَّهِ وَيَقْتُلُونَ اَلنَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ} [آل عمران: ٢١].

وهذه الآية من أي الأقسام فُرِضت كانت دليلًا، لأنَّ أقصى ما يقال: إن نقضَ العهد هو المبيح للقتال، والطعنَ في الدِّين مؤكِّدٌ له مُوجِبٌ له. فنقول: إذا كان الطعن يغلِّظ قتال من ليس بيننا وبينه عهدٌ ويوجبه، فلأن يُوجِب قتلَ مَن بيننا وبينه ذِمَّةٌ ــ وهو ملتزمٌ للصَّغار ــ أولى، فإنَّ المعاهد له أن يُظهر في داره ما شاء من أمر دينه، والذِّمِّي ليس له أن يُظهر في دار الإسلام شيئًا من دينه الباطل.

الجواب الثالث: أنَّ مجرَّد نكث الأيمان مقتضٍ للمقاتلة ولو تجرَّد عن الطعن في الدِّين، وضررُه أيسر (٢) من ضرر الطعن في الدين علينا، فإذا كان أيسر الأمرين مقتضِيًا للمقاتلة فكيف بأشدِّهما؟


(١) رسمه في الأصل: «بالموجب». والمثبت من «الصارم».
(٢) في الأصل والمطبوع: «أشد»، تصحيف.