للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجواب الرابع: أنَّ الذمِّي إذا سبَّ الله والرسول أو عاب الإسلام علانيةً فقد نكث يمينَه وطعن في ديننا، ولا خلافَ بين المسلمين أنَّه يعاقب على ذلك بما يَردَعه ويُنكَّل به؛ فعُلِم أنَّه لم يعاهدنا عليه، إذ لو كان معاهدًا عليه لم تجُزْ عقوبتُه عليه كما لا يُعاقَب على شرب الخمر وأكل الخنزير ونحو ذلك. وإذا كنا عاهدناه على أن لا يطعن في ديننا ثم طعن فقد نكث يمينه من بعد عهده، فيجب قتلُه بنصِّ الآية.

قال شيخنا (١): وهذه دلالةٌ ظاهرةٌ جدًّا، لأنَّ المُنازِع سلَّم لنا أنَّه (٢) ممنوع من ذلك بالعهد الذي بيننا وبينه، لكنَّه يقول: ليس كلُّ ما مُنع منه نقض عهدَه كإظهار الخمر والخنزير. ولكن الفرق بين مَن وُجد منه فِعْلُ ما مَنَع [منه] العهدُ ممَّا لا يضُرُّ بنا ضررًا بيِّنًا، كترك الغيار مثلًا وشرب الخمر وإظهار الخنزير، وبين مَن وُجِد منه فِعلُ ما منع منه العهدُ ممَّا (٣) فيه غاية الضرر بالمسلمين وبالدين، فإلحاق أحدهما بالآخر باطلٌ.

يوضِّح ذلك الجواب الخامس: أنَّ النكث هو مخالفة العهد، فمتى خالفوا شيئًا ممَّا صُولِحوا عليه فهو نكثٌ؛ مأخوذٌ من نَكْث الحبلِ، وهو نقض قواه، ونكث الحبل يحصل بنقض قوة واحدة، كما يحصل بنقض جميع القُوى، لكن قد [يبقى من قواه ما] (٤) يتمسَّك به الحبل، وقد يَهِن بالكلية.


(١) «الصارم المسلول» (٢/ ٣٨ - ٤٠).
(٢) في الأصل: «سلَّم أن لنا به»، والمثبت من «الصارم»
(٣) في الأصل: «ما».
(٤) ما بين الحاصرتين من «الصارم». وكذا في الموضع الآتي.