للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«أنشد الله رجلًا فعل [ما فعل]، لي عليه حقٌّ إلا قام»، فقام الأعمى يتخطَّى الناس وهو يتدَلْدَل حتى قعد بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، أنا صاحبها، كانت تشتمك وتقع فيك، فأنهاها فلا تنتهي وأزجرها فلا تنزجر، ولي منها ابنان مثل اللؤلؤتين وكانت بي رفيقةً، فلما كان البارحة جعلت تشتمك وتقع فيك فأخذت المغول فوضعته في بطنها واتكأتُ عليها حتى قتلتها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ألا اشهدوا أنَّ دمها هدرٌ».

و «المغول» بالغين المعجمة، قال الخطابي (١): هو شبيه المِشْمَل ونصله دقيقٌ ماضٍ. وكذلك قال غيره (٢): هو سيفٌ دقيقٌ يكون غِمْده كالسوط. والمِشْمَل: السيف القصير، سمي بذلك لأنه يشتمل عليه الرجل، أي: يغطيه بثوبه. واشتقاق المغول مِن: غاله الشيءُ واغتاله، إذا أخذه من حيث لا يدري.

قال شيخنا (٣): فهذه القصة يمكن أن تكون هي الأولى، وعليه يدل كلام الإمام أحمد؛ لأنه قيل له في رواية ابنه عبد الله (٤): في قتل الذمي إذا سبَّ أحاديث؟ قال: نعم، منها حديث الأعمى الذي قتل المرأة قال: سمعتها تشتم النبي - صلى الله عليه وسلم -. ثم روى عنه عبد الله كلا الحديثين. وعلى هذا فيكون قد خنقها وبعج بطنها، أو تكون كيفية القتل غير محفوظة في إحدى الروايتين.


(١) في «معالم السنن» (٦/ ١٩٩). والمؤلف صادر عن «الصارم» (٢/ ١٤٢).
(٢) كالجوهري في «الصحاح» (٥/ ١٧٨٦).
(٣) «الصارم السلول» (٢/ ١٤٣).
(٤) ليس في المطبوع منها، ولا نقلها الخلال بهذا التمام.