للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: «ويحك أرسلني»، فقال: واللهِ لا أرسلك حتى تحسن في موالي: أربعمائة حاسرٍ وثلاثمائة دارع، قد منعوني من الأسود والأحمر؛ تحصدهم في غداة واحدة؟! إني والله أخشى الدوائر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هم لك».

وأما النضير وقريظة فكانوا خارجًا من المدينة، وعهدهم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشهر من أن يخفى على عالمٍ.

وهذه المرأة المقتولة ــ والله [أعلم] ــ كانت من بني قينقاع، لأن ظاهر القصة أنها كانت بالمدينة. وسواءٌ كانت منهم أو من غيرهم، فإنها كانت ذميةً لأنه لم يكن بالمدينة من اليهود إلا ذِميٌّ، فإن اليهود كانوا ثلاثة أصنافٍ وكلهم معاهدٌ.

وقال الواقدي (١): حدثني عبد الله بن جعفر، عن الحارث بن الفُضَيل، عن محمد بن كعب القرظي: لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وادعَتْه يهود كلها، فكتب بينه وبينها كتابًا، وألحق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كل قوم بحلفائهم، وجعل بينه وبينهم أمانًا، وشرط عليهم شروطًا، فكان فيما شرط: أن لا يظاهروا عليه عدوًّا. فلمَّا أصاب رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابَ بدر وقدم المدينة بغَتْ يهود، وقطعَت ما كان بينها وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من العهد، فأرسل إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجمعهم ثم قال: «يا معشر يهود، أَسلِموا، فوالله إنكم لتعلمون أني رسول الله، قبلَ أن يُوقِع الله بكم مثلَ وقعة قريش»، فقالوا: يا محمد، لا يغُرَّنَّك مَن لقيتَ، إنَّك لقيت أقوامًا أغمارًا، وإنَّا واللهِ أصحاب الحرب، وإن قاتلتنا لتعلمَنَّ أنَّك لم تُقاتِل مِثلَنا. ثم ذكر حِصارهم وإجلاءهم


(١) «مغازي الواقدي» (١/ ١٧٦).