للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان مخالفًا للسنة الصحيحة الصريحة خلافًا لا عذر فيه لأحدٍ.

الوجه الثاني: لا ريب أن الجنس الموجِب للعقوبة قد يتغلَّظ بعضُ أنواعه صفةً أو قدرًا، أو صفةً وقدرًا، فإنه ليس قتلُ واحدٍ من الناس مثلَ قتل والدٍ وعالمٍ وصالحٍ، ولا ظلمُ بعض الناس مثلَ ظلم يتيمٍ فقيرٍ بين أبوين صالحين، وليست الجناية في الأوقات والأماكن والأحوال المُشرَّفة كالحرم والإحرام والشهر الحرام كالجناية في غير ذلك. وكذلك مضت سنة الخلفاء الراشدين بتغليظ الدية إذا تغلَّظ القتل بأحد هذه الأسباب (١).

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد قيل له: أي الذنب أعظم؟ قال: «أن تجعل لله ندًا وهو خلقك». قيل له: ثم أي؟ قال: «أن تقتل ولدك خيفة أن يطعم معك». قيل له: ثم أي؟ قال: «أن تُزاني حليلة جارك» (٢).

ولا شك أن من قطع الطريق مراتٍ متعددةً، وسفك دم خلقٍ من المسلمين، وكثُر منه أخذ الأموال= كان جرمه أعظم من جرم من لم يتكرر منه ذلك.

ولا ريب أن مَن أكثر مِن سبِّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أو نظم القصائد في سبِّه، فإن جرمه أعظمُ من جرم من سبَّه بالكلمة الواحدة المنثورة، بحيث يجب أن


(١) انظر: «مصنف عبد الرزاق» (كتاب العقول/ باب التغليظ)، و «الأوسط» لابن المنذر (كتاب الديات/باب ذكر تغليظ الدية على من قتل في الحرم أو في الشهر الحرام أو قتل مُحرِمًا)، و «سنن البيهقي» (كتاب الديات/باب ما جاء في تغليظ الدية في قتل الخطإ في الشهر الحرام والبلد الحرام وقتل ذي الرحم).
(٢) أخرجه البخاري (٤٤٧٧) ومسلم (٨٦) من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.