للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تكون إقامة الحد عليه أوكد، والانتصار منه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوجب، ولو كان المُقِلُّ أهلًا أن يُعفى عنه لم يكن هذا أهلًا لذلك.

لكن هذه الأدلة تدل على أن جنسَ الأذى لله ورسوله ومطلقَ السب الظاهرِ مُهدِرٌ لدم الذميِّ ناقضٌ لعهده من وجوهٍ:

أحدها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَن لكعب بن الأشرف؟ فإنه قد آذى الله ورسوله» (١). وذلك (٢) اسمٌ مطلقٌ ليس مقيدًا بنوع ولا قدرٍ ولا تكرارٍ، ومعلومٌ أن قليلَ السبِّ وكثيرَه ومنظومَه ومنثورَه أذًى لله بلا ريبٍ.

الوجه الثاني: أنه لو أراد التكرار والمبالغة لأتى بالاسم المفهم لذلك فقال: فإنه قد بالغ في أذى الله ورسوله، أو تكرَّر منه، ونحو ذلك، وقد أوتي جوامع الكلم، وهو المعصوم في غضبه ورضاه.

الوجه الثالث: قوله في الحديث الآخر: «إنه نال منا الأذى وهجانا بالشعر، ولا يفعل هذا أحدٌ منكم إلا كان السيف» (٣)، ولم يقيد ذلك بتكرارٍ بل علَّقه بمجرد الفعل.

الوجه الرابع: أن كعبًا آذاه بكلامه المنظوم، واليهودية بكلامها المنثور، وكلاهما أهدر دمه، فعلم أن النظم ليس له تأثيرٌ في هذا الحكم، والحكم إذا ثبت بدون الوصف كان عديم التأثير، فلا يجوز أن يجعل جزءًا (٤) من العلة.


(١) تقدم تخريجه قريبًا.
(٢) أي: الأذى لله ورسوله.
(٣) تقدم تخريجه قريبًا.
(٤) في الأصل: «»، تصحيف.