للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: فإذا كان هو وبنو النضير قبيلته موادعين فما معنى ما ذكره ابن إسحاق (١)، قال: حدثني مولًى لزيد بن ثابتٍ قال: حدثتني ابنةُ محيِّصةَ عن أبيها مُحَيِّصة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال عقيب ذلك: «من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه»، فوثب محيصةُ بن مسعودٍ على ابن سُنينة (٢) ــ رجل من تجار اليهود كان يلابسهم يبايعهم (٣) ــ فقتله، وكان حُوَيِّصة بن مسعودٍ إذ ذاك لم يسلم، وكان أسنَّ مِن مُحيِّصة، فلما قتله جعل حُويِّصة يضربه، ويقول: أي عدو الله! قتلتَه؟! أما والله لرُبَّ شحمٍ في بطنك مِن ماله! فقال: والله لقد أمرني بقتله من لو أمرني بقتلك لقتلتُك! فقال حُويِّصة: واللهِ إن دِينًا بلغ منك هذا لعجبٌ؛ فكان هذا أول إسلام حُوَيِّصة.

وقال الواقدي (٤) بالأسانيد المتقدمة: قالوا: فلما أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الليلة التي قُتل فيها ابن الأشرف قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه»، فخافت يهود فلم يَطلُع عظيم (٥) من عظمائهم، وخافوا أن يُبيَّتوا كما بُيِّت ابنُ الأشرف. وذكر قتل ابن سنينة إلى أن قال: وفزعت


(١) كما في «الدلائل» للبيهقي (٣/ ٢٠٠). وهو في «سيرة ابن هشام» (٢/ ٥٨) عن ابن إسحاق معلَّقًا.
(٢) في الأصل: «شيبة»، تصحيف.
(٣) في المطبوع: «ويبايعهم» بزيادة واو العطف، وكذا في مطبوعة «الصارم» و «سيرة ابن هشام». والمثبت من الأصل موافق لما في نسختي الظاهرية (ق ٤٢) والمحمودية (ق ٣١) من «الصارم»، وكذا في «دلائل النبوة».
(٤) في «مغازيه» (١/ ١٩١).
(٥) في الأصل: «تطلع عظيمًا».