للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يهود ومن معها من المشركين ــ وساق القصة كما تقدم.

فإن هذا يدل على أنهم لم يكونوا موادعين، وإلا لما أمر بقتل من وُجد منهم، ويدل على أن العهد الذي كتبه - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين اليهود كان بعد قتل ابن الأشرف، وحينئذ فلا يكون ابن الأشرف معاهدًا.

فالجواب: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أمر بقتل من ظُفر به من اليهود لأن كعب بن الأشرف كان من ساداتهم، وقد تقدم أنه قال: ما عندكم في أمر محمد؟ قالوا: عداوته ما حَيِينا، وكانوا مقيمين خارج المدينة، فعَظُم عليهم قتلُه، وكان مما هيَّجهم على المحاربة وإظهار نقض العهد (١)، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتل من جاء منهم لأن مجيئه دليلٌ على نقض العهد وانتصاره للمقتول. وأما مَن قرَّ فهو مقيمٌ على عهده المتقدم، لأنه لم (٢) يظهر العداوة. ولهذا لم يحاصرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يحاربهم حتى أظهروا عداوته بعد ذلك.

وأما هذا الكتاب فهو شيء ذكره الواقدي وحدَه. وقد ذكر هو أيضًا (٣) أن قتل ابن الأشرف كان في شهر ربيعٍ الأول سنة ثلاثٍ، وأن غزوة بني قينقاع كانت قبل ذلك في سنة اثنتين بعد بدرٍ بنحو شهرٍ. وذكر أن الكتاب الذي


(١) زاد صبحي الصالح هنا: [انتصارُهم للمقتول وذبُّهم عنه] بين الحاصرتين أخذًا من طبعة محمد محيي الدين لـ «الصارم» (ص ٩١)، وكذا هو في الطبعة الهندية (ص ٩١)، ولا يوجد في الطبعة المحققة (٢/ ١٨٧) ولا في نسخة الظاهرية (ق ٤٢)، وسقط موضعُه من نسخة المحمودية لانتقال النظر (ق ٣٢)، فليُنظر في سائر النسخ. والعبارة تستقيم بدونه، أي: وكان قتلُ ابنِ الأشرف مما هيَّجهم ... إلخ.
(٢) في الأصل: «لا»، والمثبت من «الصارم».
(٣) «المغازي» (١/ ١٨٤، ١٧٦).