للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وادع فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - [اليهود] كلَّها كان لمَّا قدم المدينة قبل (١) بدرٍ. وعلى هذا فيكون هذا كتابًا ثانيا خاصًّا لبني النضير يجدد فيه العهد الذي بينه وبينهم، غير الكتاب الأول الذي كتبه بينه وبين جميع اليهود؛ لأجل ما كانوا قد أرادوا من إظهار العداوة.

وقد تقدَّم أن ابن الأشرف كان معاهدًا. وتقدم أيضًا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب الكتاب لما قدم المدينة في أول الأمر، والقصة تدل على ذلك، وإلا لما جاء اليهود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وشكوا إليه قتلَ صاحبهم، وإلا فلو كانوا محاربين له لم يستنكروا قتله. وكلُّهم ذكروا أن قتل ابن الأشرف كان بعد بدرٍ، فإن معاهدة النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت قبل بدرٍ كما ذكره الواقدي.

قال ابن إسحاق (٢): «وكان فيما بين ذلك من غزو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرُ بني قينقاع»، يعني: فيما بين بدرٍ وغزوة الفرع من العام المقبل في جمادى الأولى. وقد ذكر أن بني قينقاع هم أول من حارب ونقض العهد.

قلت: اليهود الذين حاربهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربع طوائف: بنو قينقاع، وبنو النضير، وقريظة، ويهود خيبر. وكانت غزوة كل طائفةٍ [منها] (٣) عقيب غزوةٍ من غزواته للمشركين، فكانت بنو قينقاع بعد بدرٍ، وبنو النضير بعد أحدٍ، وبنو قريظة بعد الخندق، وأهل خيبر بعد الحديبية، فكان الظفر بكل واحدةٍ من هؤلاء الطوائف كالشكران للغَزاة التي قبلها، والله أعلم.


(١) في الأصل والمطبوع: «بعد»، والتصحيح من «الصارم»، وسيأتي على الصواب قريبًا.
(٢) كما في «سيرة ابن هشام» (٢/ ٤٧) و «الدلائل» (٣/ ١٧٢).
(٣) طمس في الأصل مقدار كلمة.