للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلاحًا لمعاش (١) المسلمين وقوةً على عدوهم. ثم انظُرْ مَن قِبَلَك من أهل الذمة قد كبرتْ سِنُّه وضعُفتْ قوَّتُه وولَّتْ عنه المكاسبُ، فأَجْرِ عليه من بيت مال المسلمين ما يُصلِحُه؛ فلو أن رجلًا من المسلمين كان له مملوكٌ كبرتْ سِنُّه وضعُفتْ قوَّتُه وولَّت عنه المكاسبُ كان من الحق عليه أن يَقُوتَه (٢) حتى يفرِّق بينهما موتٌ أو عتقٌ. وذلك أنه بلغني أن أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه - مرَّ بشيخٍ من أهل الذمة يسأل على أبواب الناس، فقال: ما أنصفناك إن كنّا أخذنا منك الجزيةَ في شَبيبتِك ثم ضيَّعناك في كِبَرِك. قال: ثم أجرى عليه من بيت المال ما يُصْلِحه (٣).

قال (٤): وحدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن محمد بن طلحة، عن داود بن سليمان الجعفي قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن: سلامٌ عليك، أما بعدُ، فإن أهل الكوفة قد أصابهم بلاءٌ وشدَّةٌ وجورٌ في أحكامٍ وسُنَنٍ خبيثةٍ سنَّتها عليهم عُمَّال السوء، وإنّ أقْومَ الدينِ العدلُ والإحسان، فلا يكوننَّ شيء أهمَّ إليك من نفسك أن تُوطِّنَها الطاعةَ لله


(١) في المطبوع: "لمعاشر" خلاف الأصل.
(٢) أي يُطعِمه ما يمسك الرمَق.
(٣) قصة عمر بن الخطاب التي ذكرها عمر بن عبد العزيز بلاغًا، رويت موصولةً بإسناد آخر ضعيف كما سبق (ص ٤٩ - ٥٠).
(٤) "الأموال" (١٢٤). وأخرجه ابن زنجويه (١٨٠) وابن أبي شيبة (٣٣٣٨٩) وأبو نعيم في "الحلية" (٥/ ٢٨٦، ٩/ ٤٩) من طرق عن محمد بن طلحة به. والزيادة بين معكوفتين من "الأموال" وغيره.