للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثالث: أن إطلاقهما وعمومهما المطَّردينِ في جميع المواضع متناولٌ (١) لكل من اتَّصف بتلك الصفة، ولم يَرِد فيهما موضع واحدٌ مخصّصٌ ولا مقيّدٌ، فيجب التمسك بالعام حتى يقوم دليلُ (٢) تخصيصِه.

الرابع: أن عمل النبي - صلى الله عليه وسلم - وسيرته في أهل الكتاب بعد نزول الآية مبيِّنٌ أنه المراد منها، وقد عُلِم أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يَبْنِ (٣) في أخذ الجزية وحلِّ الذبائح والنكاح إلا على مجرد دينهم لا على اعتبار (٤) آبائهم وأنسابهم.

الخامس: أنه سبحانه قد حكم ــ ولا أحسن من حكمه ــ أنه من تولَّى اليهود والنصارى فهو منهم، فقال (٥): {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: ٥٣]، فإذا كان أولياؤهم منهم بنص القرآن كان لهم حكمهم، وهذا عامٌّ خُصَّ منه من يتولَّاهم ودخل في دينهم بعد التزام الإسلام، فإنه لا يُقَرُّ ولا تُقبل منه الجزية، بل إما الإسلام أو السيف، فإنه مرتدٌّ بالنص والإجماع، ولا يصح إلحاق من دخل في دينهم من الكفار قبل التزام الإسلام بمن دخل فيه من المسلمين.

يوضحه الوجه السادس: أن من دان بدينهم من الكفار بعد نزول الفرقان


(١) في الأصل: "متاول". والمثبت يقتضيه السياق.
(٢) بعدها في المطبوع: "على"، وليست في الأصل.
(٣) في الأصل: "لم يبين".
(٤) "اعتبار" ساقطة من المطبوع.
(٥) "فقال" ليست في المطبوع.