للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحجة؟ فإنك إنما اعتبرتَ وقتَ مبعثه خاصةً.

وإن أريد به ما دانوا به قبل قيام الحجة عليهم انتقض ذلك من وجهين:

أحدهما: أنك لم تعتبر ذلك، وإنما اعتبرتَ نفس المبعث.

الثاني: أن الدين إذا كان باطلًا قبل المبعث لم يكن لتمسك الآباء به أثرٌ في إقرار الأبناء.

الخامس عشر: أنهم إذا دانوا بدينٍ قد أُقِرَّ أهله عليه بعد المبعث مع بطلانه قطعًا، فقد أُقِرُّوا على دينٍ مبدَّلٍ منسوخٍ وأُخِذَت منهم الجزية عليه.

السادس عشر: أن قوله: "بخلاف ما أحدثوا من الدين بعده" يُشْعِر بأنه كان صحيحًا إلى زمن المبعث، فأحدثوا بعد المبعث دينًا آخر غيره، فلذلك لا يُقَرُّون عليه. وهذا خلاف الواقع، فإنهم كانوا قد أحدثوا وبدَّلوا قبل مبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما بُعث - صلى الله عليه وسلم - استمرُّوا على ذلك الإحداث والتبديل، وانضاف إليه إحداثٌ آخر وتبديلٌ آخر، فلم يكن دينهم قبل المبعث سالمًا من الإحداث والتبديل، بل كان كله قد انتقض إلا الشيء القليل منه.

السابع عشر: قوله: "فإن أقام على ما كان عليه، وإلا نُبذ إليه عهدُه". فيقال: متى سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخلفاؤه في أهل الذمة هذه السيرة؟ ومتى قال هو أو أحدٌ من خلفائه ليهودي أو نصراني: متى دخل آباؤك في الدين؟ فإن كانوا دخلوا فيه قبل مبعثي وإلا نَبذتُ إليك العهد! وأيضًا فإن الذي كان عليه باطلٌ قطعًا، سواءٌ أدرك آباؤه حقَّه أو لم يُدركوه، فهو مقيمٌ على ما كان عليه آباؤه من الباطل.