للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الذي يملكها، ويكون للمستأجر ما زرع وغرس فيها.

ولما علم أبو عبيد أن وضع الخراج على جريب الشجر إجارةٌ له قال (١): أرى حديث مجالدٍ عن الشعبي هو المحفوظ. وقام أبو عبيد وقعد في فعل عمر - رضي الله عنه - هذا، وقال (٢): لا أعرف (٣) وجهه، وهي القبالة المكروهة. وقد بينّا أن حديث الشيباني أصح وأصرح، ويؤيده حديث تقبيل حديقة أُسيد بن حُضيرٍ، ومعه القياس ومصلحة الناس، فإنه لا فرقَ في القياس بين إجارة الأرض لمن يقوم عليها حتى تنبت وبين إجارة الشجر لمن يقوم عليها حتى تطلع، كلاهما في القياس سواءٌ.

فإن قيل: مستأجر الأرض هو الذي يبذرها.

قيل: قد يستأجرها لما ينبت فيها من الكلأ، وكونه يبذرها مثل قيامه على الشجر بالسقي والزبار (٤) والإصلاح، وقد حكم الله سبحانه بصحة إجارة الظئر للبنها (٥)، وهو بمنزلة إجارة الشجر لثمرها، وطردُ هذا ما جوَّزه مالك وغيره من إجارة الشاة والبقرة للبنها مدةً معلومةً، وهذا أحد الوجهين في


(١) في "الأموال" (١/ ١٣٨).
(٢) "الأموال" (١/ ١٤٥).
(٣) في هامش الأصل: "أعلم" بعلامة خ.
(٤) قال البعلي في "المطلع" (ص ٢٦٣): هو في عرف زماننا: تخفيف الكرم من الأغصان الرديئة وبعض الجيدة، يقطعها بمنجل ونحوه.
(٥) في قوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: ٦]. وانظر: "زاد المعاد" (٦/ ٥٢٠)، و"أعلام الموقعين" (٢/ ٢٨١).