للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الثقفي، وهؤلاء كلهم أئمةٌ حفّاظٌ، وقد حفظ الثقفي ما لم يحفظ الشعبي وأنه جعل على جريب الكرم عشرة دراهم، قال: ولم يذكر النخل، وهذا يدل على أنه حفظ القصة وميَّز بين ما ذكره وما لم يذكره، فهذا عمر وعثمان بن حُنيفٍ قد وضعا على الشجر أجرةً لازمةً مؤبَّدةً، ولا مخالفَ لهم من الصحابة.

وقد صرَّح أبو عبيد والفقهاء بعده بأن الخراج أجرةٌ، قال (١): ومعنى الخراج في كلام العرب إنما هو الكراء والغلَّة، ألا تراهم يسمُّون غَلَّة الأرض والدار والمملوك خراجًا؟ ومنه حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الخراج بالضمان" (٢). وكذلك حديثه الآخر أنه احتجم، حجَمَه أبو طَيبة فأمر له بصاعين، وكلَّم أهله فوضعوا عنه من خراجه (٣). فسمَّى الغلَّة خراجًا. فأرض العنوة يؤدِّي أهلُها إلى الإمام الخراج كما يؤدي مستأجر الأرض والدار كراءها إلى ربها


(١) "الأموال" (١/ ١٤١).
(٢) أخرجه أحمد (٢٤٢٢٤) وأبو داود (٣٥٠٨ - ٣٥١٠) والترمذي (١٢٨٥، ١٢٨٦) والنسائي (٤٤٩٠) وابن حبان (٤٩٢٧، ٤٩٢٨) والحاكم (٢/ ١٥)، والبيهقي (٥/ ٣٢١ - ٣٢٢) عن عائشة من طرق ضعيفة أو معلولة. قال أحمد كما في "العلل المتناهية" (٢/ ١٠٧): ما أرى له أصلًا، وقال البخاري كما في "العلل الكبير" للترمذي (ص ١٩١): حديث منكر. على أن الترمذي قال في الموضع الأول ــ وقد أخرجه من طريقين ــ: حسن صحيح، وفي الثاني: حسن غريب. وصححه ابن حبان والحاكم، وحسَّنه الألباني في "الإرواء" (١٣١٥) بمجموع طرقه. وعليه العمل عند أهل العلم، كما ذكره الترمذي وغيره. وانظر: "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (٨/ ٣٤٧).
(٣) أخرجه البخاري (٢١٠٢) ومسلم (١٥٧٧) من حديث أنس.