للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ونازعهم في ذلك آخرون وقالوا: ليست إجارة الشجر من بيع الثمر في شيء، وإنما هي بمنزلة إجارة الأرض لمن يقوم عليها ويزرعها ليستغلَّها. وهذا مذهب الليث بن سعدٍ، وأحد الوجهين في مذهب أحمد اختاره شيخنا (١) وأبو الوفاء بن عقيل، وهو الذي نختاره. وقد فعله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فيما حكاه عنه الإمام أحمد في مسائل ابنه صالحٍ (٢) أنه قبَّل حديقة أُسيد بن حُضيرٍ ثلاث سنين، وقضى به دينًا كان عليه. ولم ينكره على عمر أحدٌ من الصحابة مع شهرة هذه القصة، وهذا إن لم يكن إجماعًا إقراريًّا فهو قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، ولا نعلم له مخالفًا (٣).

ومن العجب أخذُ أبي عبيد بحديث مجالدٍ ــ وهو ضعيفٌ ــ عن الشعبي عن عمر وهو منقطعٌ، وإنما فيه السكوت عن جريب الشجر، لم يذكره بنفيٍ ولا إثباتٍ، وتركُه حديثَ أبي معاوية عن الشيباني عن محمد بن عبيد الله


(١) انظر: "مجموع الفتاوى" (٢٠/ ٥٤٧ - ٥٤٩، ٣٠/ ٢٢٤ وما بعدها). وذكره المؤلف في "زاد المعاد" (٦/ ٥١٩) و"إغاثة اللهفان" (٢/ ٦٧٣)، وابن مفلح في "الفروع" (٧/ ١٣٠).
(٢) لم أجده في "مسائله" المطبوعة. وأثر عمر قد أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (٣/ ٥٦١) وحرب بن إسماعيل ــ كما في "زاد المعاد" (٦/ ٥٢٢) و"مسند الفاروق" (٢/ ٤٥) ــ وابن عساكر في "التاريخ" (٩/ ٩٣ - ٩٥) من طرق بنحوه. وصحَّح شيخ الإسلام إسناد حرب في "مجموع الفتاوى" (٢٩/ ٤٧٩، ٣٠/ ٢٢٥).
(٣) في الأصل: "مخالف".