في الثلثين الباقيين من الكتاب (ص ٤٦٥ - ١١١٣). فكيف يُتصَّور أن ابن القيم عندما يؤلف في هذا الباب يترك هذه المسائل المهمة ولا يشير إليها أدنى إشارة؟ أو يكون كتاب شيخه بين يديه ولا يستفيد منه؟ بل أرى أنه إلى جانب نقله واقتباسه من «الصارم» زاد عليه من كتب ومصادر أخرى زيادات بيِّنة، وتوسَّع في بعض المواضع فأطال الكلام فيها عندما وجد شيخه اختصر. وهذا منهج معروف لابن القيم، نجده يختصر أحيانًا من كلام شيخه، ويزيد عليه أحيانًا كثيرة فوائد ونقولًا وتعليقات. والكتاب الذي بين أيدينا خير شاهدٍ على ذلك، فقد نقل من مؤلفات شيخه (مثل: «اقتضاء الصراط المستقيم»، و «درء تعارض العقل والنقل»، و «الصارم المسلول»، وغيرها من رسائله وفتاواه)، ويزيد عليها ويستدرك ويأتي بفوائد ونقول، ويُعلّق عليها من كلامه وبناتِ فكره.
وخلاصة القول أن ما توهَّمه الدكتور ظنٌّ بعيد عن الصواب، واتّهامه للناسخ بأن الأمر اشتبه عليه فظنَّ أن للكتاب مجلدًا ثانيًا= بعيد عن الواقع. وقد صرَّح ابن رجب في «المنتقى» من معجم شيوخ أبيه (ص ١٠١) بأن الكتاب مجلدان، وهذا مما يؤكّد صحة قول الناسخ. وعلينا أن نبحث عن بقية الكتاب في مكتبات المخطوطات في العالم ضمن المخطوطات المجهولة العنوان والمؤلف، وخاصةً تلك التي تتعلق بالفقه وأحكام أهل الذمة. ولعلّ الله يُحدث بعد ذلك أمرًا.