للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به مرارًا.

وكان سفيان الثوري يقول: لا يؤخذ منه شيء حتى يبلغ مائة درهمٍ، فإذا بلغ مائة درهم أُخذ منه نصف العشر فيه، وبمقدار النصاب، وبقدر الواجب.

قال أبو عبيد (١) بعد أن حكى بعض هذه الأقوال: وكل هذه الأقوال لها وجوهٌ:

فأما الذين قالوا من أهل العراق: إنه لا يؤخذ من الذمي شيء حتى يبلغ ماله مائتي درهم، فإنهم شبَّهوه بالصدقة، ذهبوا إلى أن عمر - رضي الله عنه - حين سمَّى ما يجب في أموال الناس التي تُدار للتجارات، إنما قال: يُؤخذ من المسلمين كذا، ومن أهل الذمة كذا، ومن أهل الحرب كذا، ولم يوقِّت في أدنى مبلغ المال وقتًا.

ثم قالوا: رأيناه قد ضمَّ أموالَ أهل الذمة إلى أموال المسلمين في حقٍّ واحدٍ، فحملنا وقتَ أموالهم على الزكاة، إذ كان لأداء الزكاة حدٌّ محدودٌ، وهو المائتان فأخذنا أهل الذمة بها وألقينا (٢) ما دون ذلك.

وأما مالك وأهل الحجاز فقالوا (٣): الذي يؤخذ من أهل الذمة ليس بزكاةٍ فيُنظَر فيه إلى مبلغها وإلى حدِّها، إنما هو بمنزلة الجزية التي تؤخذ من رؤوسهم، ألا ترى أنها تجب على الغني والفقير [على] قدر طاقتهم، من غير


(١) "الأموال" (٢/ ٢٠٧).
(٢) كذا في الأصل. وفي "الأموال": "وألغينا".
(٣) "الأموال" (٢/ ٢٠٧، ٢٠٨).