للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثلث دينارٍ فلا تأخذْ منه شيئًا".

قال أبو عبيد: فعشرة دنانير إنما هي معدولةٌ بمائة درهم في الزكاة، وهي عندنا تأويل حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مع تفسير عمر بن عبد العزيز، ولا يوجد في هذا مفسِّرٌ هو أعلم منه، وهو قول سفيان.

قال: فهذا ما جاء في توقيت أداء ما تجب فيه الحقوق من أموال أهل الذمة والحرب.

وأما قولهم في الذمي إذا ادعى أن عليه دَيْنًا، واختيارُ أهل العراق أن يقبل منه، وقول مالك وأهل الحجاز إنه لا يُقبل منه وإن أقام البينة على دعواه= فإن الذي أختار من ذلك قولًا (١) بين القولين، فأقول: إن كان له شهودٌ من المسلمين على دَيْنه قُبِل ذلك منه، ولم يكن على ماله سبيلٌ؛ لأن الدَّين حقٌّ قد وجب لربه عليه، وهو أولى به من الجزية؛ لأنها وإن كانت حقًّا للمسلمين في عنقه فإنه ليس يُحصَى (٢) أهل هذا الحق، فيُقْدَرَ على قَسْم مال الذمي بينهم وبين هذا الغريم بالحِصَص ولا يُعلَم كم يؤخذ منه، وقد عُلِم حقُّ هذا الغريم، فلهذا جعلناه أولى بالدَّين من غيره. وإن لم يُعلَم دَيْنُ هذا الذمي إلا بقوله كان مردودًا غير مقبولٍ منه؛ لأنه حقٌّ قد لزِمه للمسلمين، فهو يريد إبطاله بالدعوى، وليس بمؤتَمنٍ في ذلك كما يؤتَمن المسلمون على زكواتهم في الصامت، إنما هذا فيءٌ، وحكمه غير حكم الصدقة.


(١) في الأصل و"الأموال": "قولًا" هكذا منصوبًا، والوجه الرفع.
(٢) في الأصل: "يخص". والتصويب من "الأموال".