للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن أراد الانتقال إلى مكان آخر من الحجاز جاز، ويقيم فيه ثلاثة أيامٍ أو أربعةً، ولا يدخلون إلا بإذنٍ من الإمام أو نائبه. وقيل: يكفي إذنُ آحاد المسلمين. هذا حكم غير الحرم.

قال أصحاب الإمام أحمد رحمهم الله تعالى (١): ولا يُمنعون من تَيماء وفَيْدَ ونجرانَ ونحوهن. وقد تقدم الحديث المصرِّح بأن نجران من جزيرة العرب. قالوا: فإن دخلوا غير الحرم لم يجز إلا بإذن مسلم.

وأما الحرم فيُمنعون دخولَه بكل حالٍ، ولا يجوز للإمام أن يأذن في دخوله، فإن دخل أحدهم فمرض أو مات أُخرِج، وإن دُفِن نُبِش (٢).

وهل يُمنَعون من حرم المدينة؟ حكي عن أحمد رحمه الله تعالى فيه روايتان (٣) كما تقدم. وقد صحّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أنزل وفدَ نصارى نجران في مسجده، وحانتْ صلاتهم فصلَّوا فيه (٤)، وذلك عام الوفود بعد نزول قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ


(١) المصدر نفسه.
(٢) المصدر نفسه (١٣/ ٢٤٥).
(٣) المصدر نفسه (١٣/ ٢٤٦).
(٤) أخرجه ابن هشام في "السيرة" (١/ ٥٧٤) والبيهقي في "الدلائل" (٥/ ٣٨٢) من طريق محمد بن إسحاق قال: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير بن العوام ... (فذكر خبر دخولهم المسجد وصلاتهم إلى المشرق). وهذا إسناد مرسل. ولكن قد صحَّ واستفاض أنهم قد دخلوا المدينة والتقوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، ويكفي هذا القدر مستدَلًّا للمسألة، وبالله التوفيق.