للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المشركين في الأصل، والشرك طارٍ عليهم، فهم منهم باعتبار ما عرضَ لهم لا باعتبار أصل الدين، فلو قُدِّر أنهم لم يدخلوا في لفظ الآية دخلوا في عمومها المعنوي وهو كونهم نجسًا، والحكم يعمُّ بعموم علّته.

فإن قيل: فالآية نبَّهت على دخولهم الحرم عوضًا عن دخول عبَّاد الأصنام (١)، فإنه سبحانه قال: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [التوبة: ٢٨]، فإنها لما نزلت انقطع عنهم ما كان المشركون يَجلبون إليهم من المِيرة، فأعاضهم الله بالجزية.

قيل: ليس في هذا ما يدلُّ على دخول أهل الجزية المسجدَ الحرام بوجهٍ ما، بل تؤخذ منهم الجزية وتُحمل إلى من بالمسجد الحرام وغيره، على أن الإغناء من فضل الله وقع بالفتوح والفيء والتجارات التي حملها المسلمون إلى مكة.

فإن قيل: فالآية إنما منعت قُربانَهم المسجدَ الحرام خاصةً، فمن أين لكم تعميم الحكم للحرم كله؟

قيل: المسجد الحرام يُراد به في كتاب الله تعالى ثلاثة أشياء: نفس البيت، والمسجد الذي حوله، والحرم كله.

فالأول كقوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٤٣].

والثاني قوله تعالى: {إِنَّ اَلَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اِللَّهِ


(١) في هامش الأصل: "الأوثان" بعلامة خ.