للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} [الحج: ٢٣]، على أنه قد قيل: إن المراد به هاهنا الحرم كله، والناس سواءٌ فيه.

والثالث كقوله: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الإسراء: ١]، وإنما أُسرِي به من داره من بيت أم هانئٍ (١)، وجميع الصحابة والأئمة فهموا من قوله تعالى: {فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: ٢٨] مكة كلّها والحرم، لم يخصَّ ذلك أحدٌ منهم بنفس المسجد الذي يُطاف فيه.

ولما نزلت هذه الآية كانت اليهود بخيبر وما حولها، ولم يكونوا يُمنَعون من المدينة، كما في "الصحيح" (٢) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مات ودِرْعُه مرهونةٌ عند يهودي على طعامٍ أخذه لأهله، فلم يُجْلِهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند نزولها من الحجاز، وأمر مؤذِّنَه أن يؤذِّن بأن لا يحجَّ بعد العام مشركٌ.

فإن قيل: فما تقولون في دخولهم مساجدَ الحلّ (٣)؟


(١) روى ذلك ابن سعد في "الطبقات" (٢/ ١٨٢ - ١٨٣) والطبري في "التفسير" (١٤/ ٤١٤) والطبراني في "الكبير" (٢٤/ ٤٣٢) والبيهقي في "دلائل النبوة" (٢/ ٤٠٤) من طرق عن أم هاني، وكلها واهية بمرة. والذي في "الصحيح" من حديث أبي ذر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُسري به من بيته، وفي حديث مالك بن صعصعة أنه أسري به من عند البيت من الحطيم. أخرجهما البخاري (٣٤٩، ٣٨٨٧) ومسلم (١٦٣، ١٦٤).
(٢) البخاري (٢٩١٦) ومسلم (١٦٠٣) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(٣) انظر: "المغني" (١٣/ ٢٤٦).