للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القرآن، والحائض والجنب ليسا بنجسٍ بنصّ السنة (١).

ولما دخل أبو موسى على عمر بن الخطاب وهو في المسجد أعطاه كتابًا فيه حسابُ عمله، فقال له عمر: ادعُ الذي كتبه ليقرأه، فقال: إنه لا يدخل المسجد، قال: ولِمَ؟ قال: إنه نصراني (٢). وهذا يدل على شهرة ذلك بين الصحابة.

ولأنه قد انضمَّ إلى حدث جنابته حدثُ شركِه، فيتغلَّظ المنع.

وأما دخول الكفار مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان ذلك لما كان بالمسلمين حاجةٌ إلى ذلك، ولأنهم كانوا يخاطبون النبي - صلى الله عليه وسلم - في عهودهم، ويؤدُّون إليه الرسائل، ويحملون منه الأجوبةَ، ويسمعون منه الدعوة. ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليخرج من المسجد لكل من قصدَه من الكفار، فكانت المصلحة في دخولهم ــ إذ ذاك ــ أعظمَ من المفسدة التي فيه، بخلاف الجنب والحائض فإنه كان يُمكِنهما التطهرُ والدخول إلى المسجد.

وأما الآن فلا مصلحةَ للمسلمين في دخولهم مساجدَهم والجلوس فيها، فإن دعت إلى ذلك مصلحةٌ راجحةٌ جاز دخولها بالإذن (٣)، والله أعلم.

* * * *


(١) كما في حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له لمَّا أخبره أنه انخنس منه لأنه كان جنبًا: "سبحان الله! إن المؤمن لا ينجس". أخرجه البخاري (٢٨٣) ومسلم (٣٧١).
(٢) أخرجه البيهقي في "السنن" (٩/ ٢٠٤، ١٠/ ١٢٧) بإسناد حسن.
(٣) في هامش الأصل: "بلا إذن" برمز خ.