للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكتب إليه عمر: أما بعد، فإنَّ مَثلي ومَثل من تقدَّمني كما قال الله تعالى في قصة داود وسليمان: {إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (٧٧) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} [الأنبياء: ٧٧ - ٧٨] (١).

وكتب إلى بعض عُمَّاله: أما بعد، فإنه بلغني أن في عملك كاتبًا نصرانيًّا يتصرف في مصالح الإسلام، والله تعالى يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: ٥٩]، فإذا أتاك كتابي هذا فادعُ حسان بن زيدٍ ــ يعني ذلك الكاتبَ ــ إلى الإسلام، فإن أسلم فهو منّا ونحن منه، وإن أبى فلا تَستعِنْ به، ولا تتخذْ أحدًا على غير دين الإسلام في شيء من مصالح المسلمين. فأسلم حسانُ، وحسن إسلامه (٢).

فصل

وأما أبو جعفرٍ المنصور، فإنه لما حج اجتمع جماعةٌ من المسلمين إلى شَبِيب بن شيبة، وسألوه مخاطبة المنصور أن يرفع عنهم المظالم ولا يمكّن النصارى من ظلمهم وعَسْفهم في ضياعهم، ويمنعهم من انتهاك حرماتهم


(١) لم أقف عليه إلا في "المذمة" لابن النقاش.
(٢) انظر: "سراج الملوك" للطرطوشي (ص ١٣٧)، و"معالم القربة" لابن الأخوة (ص ٣٩)، و"حسن السلوك" للموصلي (ص ١٦٨)، و"منهج الصواب" لابن الدريهم (ص ١٨٢، ١٨٣).