للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأن لا يُمكَّنوا من لُبس البياض (١) لئلا يتشبهوا بالمسلمين، ولتكنْ رُكُبُهم (٢) خشبًا، وأن تُهدَم بِيَعُهم المستجدّة، وأن تُطبَّق عليهم الجزية، ولا يُفسَحَ لهم في دخول حمامات المسلمين، وأن تُفرَد لهم حماماتٌ خَدَمُها ذمةٌ، ولا يَستخدموا مسلمًا في حوائجهم لنفوسهم، وأَفردَ لهم من يحتسب عليهم، وكتب كتابًا نسخته (٣):

أما بعد، فإن الله اصطفى الإسلام دينًا، فشرَّفه وكرَّمه وأناره ونصره (٤) وأظهره وفضَّله وأكملَه، فهو الدين لا يُقبل غيره، قال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: ٨٤]، بعث به صفيَّه وخِيَرتَه من خلقه محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، فجعله خاتم النبيين وإمام المتقين وسيد المرسلين: {لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ} [يس: ٦٩]، وأنزل كتابًا عزيزًا: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: ٤١]، أسعدَ به أمتَه وجعلَهم خيرَ أمةٍ أُخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله، {وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ


(١) في الأصل: "الثياب". والتصويب من "مآثر الإنافة".
(٢) جمع رِكاب: وهو للسَّرج ما توضع فيه الرِّجل، وهما ركابان.
(٣) الكتاب بطوله في "صبح الأعشى" (١٣/ ٣٦٧ - ٣٦٨)، و"مآثر الإنافة" (٣/ ٢٢٩ وما بعدها). وفي "تاريخ الطبري" (٩/ ١٧٢ - ١٧٤) كتاب آخر من المتوكل إلى عمَّاله في الآفاق في هذا الموضوع.
(٤) في "مآثر الإنافة": "ونضره".