للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحمد لله المعبود في أرضه وسمائه، والمجيب دعاءَ من يدعوه بأسمائه، المنفرد بالقدرة القاهرة، المتوحِّد بالقوة الظاهرة، وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة، هدى العبادَ بالإيمان إلى سبيل الرشاد، ووفَّقهم في الطاعات لما هو أنفع زادٍ في المعاد، وتفرَّد بعلم الغيوب فعلِمَ من كل عبدٍ إضمارَه كما علم تصريحَه: {يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ} [النور: ٤١]، الذي شرَّف دينَ الإسلام وعظَّمه، وقضى بالسعادة الأبدية لمن انتحاه وتيمَّمه، وفضَّله على كل شرعٍ سبقَه وعلى كل دينٍ تقدمه، فنصره وخذلَها، وأشاد به وأخملَها، ورفعه ووضعَها، ووطَّده وضعضعَها، وأبى أن يقبل دينًا سواه من الأولين والآخرين. فقال تعالى وهو أصدق القائلين: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: ٨٥].

وشهد به لنفسه وأشهد به ملائكته وأولي (١) العلم الذين هم خلاصةُ الأنام، فقال تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: ١٨، ١٩] [آل عمران: ١٨ ــ ١٩].

ولمّا ارتضاه لعباده وأتمَّ عليهم به نعمته= أكمله لهم، وأظهره على الدين كله، وأوضحه إيضاحًا مبينًا، فقال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٤].


(١) في الأصل: "وأولوا".