للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمين وأموال ملوكهم وخلفائهم حِلٌّ لنا، وبعضُ ما نستحقُّه عليهم، فإذا حملنا لهم مالًا كانت المنة لنا عليهم، وأنشد (١):

بنتُ كرمٍ غَصَبوها أمَّها ... وأهانوها فدِيْسَتْ بالقَدَمْ

ثم عادوا حكَّموها فيهمُ ... ولَناهيكَ بخصمٍ يُحتكَمْ

فاستحسن الحاضرون من النصارى والمنافقين ما سمعوه منه، واستعادوه وعضُّوا عليه بالنواجذ، حتى قيل: إن الذي احتاط عليه قلم اللعين من أملاك المسلمين مائتا ألفٍ واثنان وسبعون ألفًا ما بين دارٍ وحانوتٍ وأرضٍ بأعمال (٢) الدولة إلى أن أعادها إلى أصحابها أبو علي بن الأفضل، ومِن الأموال ما لا يحصيه إلا الله.

ثم انتبه الآمِر من رقدته، وأفاق من سكرته، وأدركته الحمية الإسلامية والغيرة المحمدية، فغضِبَ لله غضَبَ ناصرٍ للدين وثائرٍ (٣) للمسلمين، وألبس الذمَّةَ الغِيار، وأنزلَهم بالمنزلة التي أمر الله تعالى أن يُنزَلوا بها من الذلّ والصَّغار، وأمر أن لا يُوَلَّوا شيئًا من أعمال الإسلام، وأن يُنشِئ في ذلك كتابًا يقف عليه الخاص والعام، فكتب عنه ما نسخته:


(١) البيتان في "نهاية الأرب" (٢٨/ ١٦٩)، و"صبح الأعشى" (١٣/ ٣٧٠)، و"غذاء الألباب" (٢/ ١٧، ١٨). وفي كتاب ابن الواسطي (ص ٤٠) ورد البيتان في قصة عمرو بن العاص بعد الأبيات الطائية التي تقدمت (ص ٣١٢، ٣١٣).
(٢) في الأصل: "بأعماله". والمثبت من "صبح الأعشى".
(٣) في الأصل: "وباين". وفي المطبوع: "وبار". والمثبت من "صبح الأعشى".