للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد خَطَّ فيها الكاتبون فأكثروا ... ولم يبقَ إلا أن يقولوا: فذلكا (١)

فواللهِ ما تدري إذا ما لقيتَها ... أتُوضَع في يُمناك أم في شمالكا

فصل (٢)

وكذلك في أيام الآمر بأمر الله امتدَّتْ أيدي النصارى، وبسطوا أيديهم بالجناية، وتفنَّنوا في أذى المسلمين وإيصال المضرَّة إليهم، واستُعمل منهم كاتبٌ يُعرف بالراهب، ولُقِّب بالأب القدِّيس الروحاني النفيس أب (٣) الآباء وسيد الرؤساء، مقدَّمِ دينِ النصرانية وسيد البَتْركية، صفيِّ الرب ومختاره، ثالث عشر الحواريِّين. فصادَرَ اللعينُ عامةَ من بالديار المصرية من كاتبٍ وحاكمٍ وجندي وعاملٍ وتاجرٍ، وامتدَّتْ يده إلى الناس على اختلاف طبقاتهم، فخوَّفه بعضُ مشايخ الكتاب من خالقه وباعثه ومحاسبه، وحذَّره من سوء عواقب أفعاله، وأشار عليه بترك ما يكون سببًا لهلاكه. وكان جماعةٌ من كتَّاب مصر وقِبْطِها في مجلسه، فقال مخاطبًا له ومُسمِعًا للجماعة: نحن مُلَّاك هذه الديار حربًا وخراجًا، ملَكَها المسلمون منا، وتغلَّبُوا عليها وغَصَبوها، واستملكوها من أيدينا، فنحن مهما فعلنا بالمسلمين فهو قُبالة ما فعلوا بنا، ولا يكون له نسبةٌ إلى مَن قُتِل من رؤسائنا وملوكنا في أيام الفتوح، فجميع ما نأخذه من أموال


(١) كان من عادة الكتَّاب إذا فرغوا من جمع حسابهم أن يختموا بعبارة "فذلك"، ومنه "الفذلكة". ومعناه: النتيجة والعاقبة.
(٢) هذا الفصل بتمامه في "صبح الأعشى" (١٣/ ٣٦٩ - ٣٧٧). ومنه قسم في "مآثر الإنافة" (٣/ ٢٣٤، ٢٣٥).
(٣) كذا في الأصل بدون الياء، وكذا يكتبه النصارى.