للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجعل سبحانه لعباده المسلمين أسوةً حسنةً في إمام الحنفاء ومن معه من المؤمنين، إذ تبرَّؤوا ممن ليس على دينهم امتثالًا لأمر الله، وإيثارًا لمرضاته وما عنده، فقال تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة: ٤].

وتبرأ سبحانه ممن اتخذ الكفَّار أولياء من دون المؤمنين وحذَّره نفسَه أشدَّ التحذير، فقال: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} [آل عمران: ٢٨].

فمن ضُروبِ الطاعات: إهانتُهم في الدنيا قبل الآخرة التي هم إليها صائرون، ومن حقوق الله تعالى الواجبة: أخذُ جزية رؤوسهم التي يُعطونها عن يدٍ وهم صاغرون. ومن الأحكام الدينية أن تَعُمَّ جميعَ الذمة ــ إلا من لا تجب عليه ــ باستخراجها، وأن يُعتمد في ذلك على سلوك سبيل السنة المحمدية ومنهاجها، وأن لا يُسامَح بها أحدٌ منهم ولو كان في قومه عظيمًا، وأن لا يُقبل إرسالُه بها ولو كان فيهم زعيمًا، وأن لا يُحِيلَ بها على أحدٍ من المسلمين، ولا يُوكِّل في إخراجها عنه أحدًا من الموحدين، وأن تؤخذ منه على وجه الذلّة والصَّغار، إعزازًا للإسلام وأهله وإذلالًا لطائفة الكفّار، وأن تُستوفى من جميعهم حقَّ الاستيفاء، وأهل خيبر وغيرهم في ذلك على السواء.