للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في ذلك، وذكر بعض ما هم عليه من الأفعال والأخلاق، وقال من جملة كلامه: إن النصارى لا يعرفون الحساب ولا يدرونه على الحقيقة؛ لأنهم يجعلون الواحد ثلاثةً والثلاثة واحدًا، والله تعالى يقول: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} [المائدة: ٧٥]. وأولُ أمانتهم وعقدِ دينهم: باسم الأب والابن وروح القدس إلهٌ واحد. فأخذ هذا المعنى بعض الشعراء، وقال في قصيدةٍ له (١):

كيف يَدرِي الحسابَ من جعلَ الوا ... حدَ ربَّ الورى تعالى ثلاثَهْ

ثم قال: كيف تأمن أن يفعل في معاملة السلطان كما فعل في أصل اعتقاده، ويكون مع هذا أكثر النصارى أمانةً؟ وكلما استخرج ثلاثةَ دنانير دفع إلى السلطان دينارًا وأخذ لنفسه اثنين، ولاسيما وهو يعتقد ذلك قربةً وديانةً؟ وانصرف القوم، واتفق أن كَبَتْ بالنصراني بطْنَتُه، وظهرت خيانته فأُرِيق دمه، وسُلِّط على وجوده عدمُه. وفيه يقول عُمارة اليمني (٢):

قلْ لابن دخانٍ إذا جئتَه ... ووجهُه يَنْدَى من القَرْقفِ (٣)

لم تَكْفِك الدنيا ولو أنها ... أضعافُ ما في سورة الزخرف


(١) البيت في "المذمة" (ص ٣١٨). وفي كتاب ابن الواسطي (ص ٥٨) باختلاف القافية.
(٢) الأبيات له في "النكت العصرية" (ص ٢٩٤).
(٣) القرقف: الخمر يرعد عنها صاحبها.