للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن المنذر (١): أجمع على هذا كلُّ من يُحفظ عنه من أهل العلم.

وتفرَّدت الشيعة دون الأمة بتحريم ذبائحهم، واحتجُّوا بأن الذكاة الشرعية لم تدركها، وبأنه إجماع أهل البيت، وبأن التسمية شرطٌ في الحلِّ، ولا يُعلم أنهم يُسَمُّون، وخبرهم لا يقبل، وبأنهم لو سمَّوا لم يسمُّوا الله في الحقيقة؛ لأنهم غير عارفين بالله. قالوا: والآية مخصوصةٌ بما سوى الذبائح لما ذكرنا من الدليل.

وهذا القول مخالفٌ للكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم، فلا يُلتفت إليه (٢).

وأما احتجاجهم بأن الذكاة الشرعية لم تدركها، فإن أرادوا بالذكاة الشرعية ما أباح الله ورسوله الأكلَ بها فهذه ذكاةٌ شرعيةٌ، وإن أُريد بها ذكاة المسلم لم يلزم من نفيها نفْيُ الحلّ، ويصير الدليل هكذا: لأن ذكاة المسلم لم تُدرِكها، فغيَّروا العبارة وقالوا: لم تدركها الذكاة الشرعية.

وأما قولهم: إنه إجماع أهل البيت، فكذبٌ على أهل البيت. وللشيعة طريقةٌ معروفةٌ، يقولون لكل ما تفرَّدوا به عن جماعة المسلمين: هذا إجماع أهل البيت! وهذا عبد الله بن عباس عالم أهل البيت يقول: كلوا من ذبائح بني تغلب، وتزوَّجوا من نسائهم، فإن الله يقول في كتابه: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: ٥١]، فلو لم يكونوا منهم إلا بالولاية لكانوا


(١) "الإشراف" (٣/ ٤٤٢)، والمؤلف صادر عن "المغني" (١٣/ ٢٩٣).
(٢) انظر: "مجموع الفتاوى" (٣٥/ ٢١٢، ٢١٣).