للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذه مسألة تنازع فيها السلف والخلف، وفيها عن أحمد روايتان.

وقال الأثرم (١): قلت لأحمد: ذبائح نصارى العرب، ما ترى فيها؟ بني تغلب وغيرهم من العرب، فقال: أما علي فكرهها وقال: إنهم لم يتمسَّكوا من دينهم إلا بشرب الخمر، وابن عباس رخَّص فيها. وقد تقدَّمت المسألة (٢).

وأما قولهم: إن التسمية شرطٌ في الحلّ، فلعمر الله إنها لشرطٌ بكتاب الله وسنة رسوله، وأهلُ الكتاب وغيرهم فيها سواءٌ، فلا يؤكل متروك التسمية سواءٌ ذبحه مسلم أو كتابي، لبضعة عشر دليلًا مذكورةٍ في غير هذا الموضع (٣).

وأما قولهم: إنه لا يُعلم هل سمَّى أم لا، فهذا لا يدلُّ على التحريم؛ لأن الشرط متى شقَّ العلمُ به وكان فيه أعظمُ الحرج سقطَ اعتبار العلم به كذبيحة المسلم، فإن التسمية شرطٌ فيها ولا يعتبر العلم بذلك، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قيل له: إن ناسًا يأتوننا باللحم لا ندري أسمَّوا الله أم لا، فقال: "سَمُّوا أنتم وكلوا" (٤).


(١) "الجامع" (١٠٢٧).
(٢) انظر (ص ١٢٢ وما بعدها).
(٣) انظر: "جامع المسائل" (٥/ ٣٧٧ - ٣٨٩).
(٤) أخرجه البخاري (٢٠٥٧) من حديث عائشة.