للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال مهنا (١): حدثني أحمد عن الزبيري عن مالك، في اليهودي يذبح الشاة، قال: لا يأكل من شحمها، قال أحمد: هذا مذهب دقيقٌ.

فاختلف أصحابه في ذلك (٢): فذهب ابن حامدٍ وأبو الخطاب وجماعةٌ إلى الإباحة، وهو قول الشافعي وأبي حنيفة.

وذهب القاضي وأبو الحسن التميمي إلى التحريم، وصنَّف فيه التميمي مصنَّفًا ردَّ فيه على من قال بالإباحة (٣)، واختاره أبو بكر أيضًا.

وذهب مالك إلى الكراهة، وهي عنده مرتبةٌ بين الحظر والإباحة (٤).

قال المبيحون (٥): القول بالتحريم خلاف القرآن والسنن والمعقول.

أما القرآن فإن الله تعالى يقول: {وَطَعَامُ اُلَّذِينَ أُوتُوا اُلْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ} [المائدة: ٦]. قالوا: وقد اتفقنا على أن المراد بذلك ما ذبحوه، لا ما أكلوه؛ لأنهم يأكلون الخنزير والميتة والدم.

قالوا: وقد جاء القرآن وصح الإجماع بأن دين الإسلام نسخَ كل دينٍ كان قبله، وأن من التزم ما جاءت به التوراة والإنجيل ولم يتبع القرآن فإنه


(١) المصدر نفسه.
(٢) انظر: "المغني" (١٣/ ٣١٢)، و"الروايتين والوجهين" (٣/ ٣٧).
(٣) ذكره أبو يعلى في كتاب "الروايتين والوجهين" (٣/ ٣٧).
(٤) "عقد الجواهر الثمينة" (١/ ٥٨٤). وينظر "الموطأ" رواية ابن زياد (ص ١٥٦).
(٥) انظر: "المحلى" (٧/ ٤٥٤).