للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إباحةَ ما ذبحه أهل الكتاب دون اشتراطٍ لما يستحلُّونه. وكذلك عن جمهور التابعين، لم نجد عن أحدٍ هذا القول إلا عن قتادة، ثم عن مالك وعبيد الله بن الحسن، وهذا مما خالفوا فيه طائفةً من الصحابة لا مخالفَ لهم، وخالفوا فيه جمهورَ العلماء.

قال المحرِّمون: إنما أباح الله سبحانه لنا طعام الذين أوتوا الكتاب، والشحوم المحرمة عليهم ليست من طعامهم، فلا تكون لنا مباحةً، والمقدمتان ظاهرتان غنيتان عن التقرير.

قالوا: ولأنه شحمٌ محرَّمٌ على ذابحه، فكان محرَّمًا على غيره بطريق الأولى، فإن الذكاة إذا لم تعمل في حلِّه بالنسبة إلى المذكِّي لم تعمل في حلِّه بالنسبة إلى غيره، وهذا كذبح المُحرِم الصيد، فإنه لما كان حرامًا عليه، ولم تُفِدِ الذكاةُ الحلَّ بالنسبة إليه، لم تُفِده بالنسبة إلى الحلال.

قالوا: وطردُ هذا تحريم الجمل إذا ذبحه اليهودي.

قالوا: وأيضًا فللقصد تأثيرٌ في حلّ الذكاة كما تقدَّم، فإذا كان الذابح غير قاصدٍ للتذكية لم تحلَّ ذكاتُه، ولا ريبَ أنه غير قاصدٍ لتذكية الشحم، فإنه يعتقد تحريمه وأنه بمنزلة الميتة.

قالوا: ولا محذورَ في تجزُّء الذكاة، فيحلُّ بها بعض المذكَّى دون بعضٍ، فيكون ذكاةً بالنسبة إلى ما يعتقد المذكِّي حلَّه وليس ذكاةً بالنسبة إلى ما يعتقد تحريمه، فإن ما يأكله يعتقد ذكاته ويقصدها، وما لا يأكله لا يعتقد ذكاته ولا يقصدها فصار كالميتة.