للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن حزمٍ (١): ويُسألون عن الشحم والجمل أحلالٌ هما اليوم لليهود أم هما حرامٌ إلى اليوم؟ فإن قالوا: بل هما حرامٌ عليهم إلى اليوم كفروا بلا مريةٍ، إذ قالوا: إن ذلك لم ينسخه الله تعالى. وإن قالوا: بل هما حلالٌ لهم صدقوا، ولزِمَهم تركُ قولهم الفاسد.

قال: ونسألهم عن يهودي مستخفٍّ بدينه ذبح شاةً يعتقد حلَّ شحمها، هل يحرم علينا الشحم أم لا؟ فإن قلتم: يحرم علينا كان محالًا، فإنه ذكَّى ما يعتقد حلَّه ونحن نعتقد حلَّه، فمن أين جاء التحريم؟ وإن قلتم: لا يحرم علينا كانت ذبيحة هذا المستخفِّ بدينه أحسنَ حالًا من ذبيحة المتمسك بدينه، وهذا محالٌ.

قال: ويلزمهم أن لا يستحلُّوا أكْلَ ما ذبحه يهودي يومَ سبتٍ، ولا أكْلَ حيتانٍ صادها يهودي يوم سبتٍ، وهذا مما تناقضوا فيه.

قال: وقد روينا عن عمر بن الخطاب، وعلي، وابن مسعودٍ، وعائشة أم المؤمنين، وأبي الدرداء، وعبد الله بن يزيد، وابن عباس، والعرباض بن سارية، وأبي أمامة، وعبادة بن الصامت، وابن عمر رضي الله عنهم (٢) =


(١) "المحلى" (٧/ ٤٥٥).
(٢) تقدَّمت الآثار عن عامَّة هؤلاء، إلا أبا أمامة وعبد الله بن يزيد الخطمي، فأما الأول فأشار إليه ابن حزم في "المحلى" (٧/ ٤١١) مضعِّفًا إسناده، وأما الآخر فأخرجه الطبري في "تفسيره" (٩/ ٥٢٨) بإسناد صحيح قال: "كلوا من ذبائح أهل الكتاب والمسلمين، ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه ".