للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد جعل الله سبحانه البنتَ من الرضاعة بنتًا في الحرمة والمَحْرمة، وأجنبيةً في الميراث والإنفاق. وكذلك بنت الزنا عند جمهور الأمة بنتٌ في تحريم النكاح، وليست بنتًا في الميراث. وكذلك جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ابنَ وليدة زَمْعة (١) أخًا لـ [سودة بنت] زَمْعة في الفراش، وأجنبيًّا في النظر لأجل الشَّبه بعتبة (٢). فلا يستحيل أن تكون الشاة مذكَّاةً بالنسبة إلى اللحم والشحم المباح، غيرَ مذكَّاةٍ بالنسبة إلى الشحم المحرَّم.

وأما استدلالكم بقوله تعالى: {وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ} [المائدة: ٦]، وأن هذه الشحوم من طعامنا، فلَعمرُ الله إنها من طعامنا إذا ذكّاها المسلم ومن تَحِلُّ له، فأما إذا ذكَّاها من يعتقد تحريمها فليست في هذه الحال من طعامه ولا من طعامنا.

وأما استدلالكم بقول المسيح: {وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ اَلَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} [آل عمران: ٤٩]، وبقوله تعالى عن محمد - صلى الله عليه وسلم -: {وَيُحِلُّ لَهُمُ اُلطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمِ اِلْخَبَائِثَ} [الأعراف: ١٥٧]، فهذا الإحلال إنما هو لمن آمن بالمسيح وبمحمد نعمةً من الله عليه وكرامةً له، لا لمن أصرَّ على كفره وتكذيبه، وإنما هو لمن التزم الشريعةَ التي جاءت بالحلِّ.


(١) أي ابن جاريته. وما بين المعكوفتين زيادة لازمة.
(٢) كما في حديث عائشة - رضي الله عنها - الذي أخرجه البخاري (٢٠٥٣) ومسلم (١٤٥٧)، وفيه: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هو لك يا عبد بن زمعة"، ثم قال لسودة بنت زمعة: "احتجبي منه" لما رأى من شَبَهه بعتبة.