عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: ١٤٠]، ومن أعظم السبيل تسليط الكافر على انتزاع أملاك المسلمين منهم وإخراجهم منها قهرًا، وقد قال تعالى:{لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ}[الحشر: ٢٠]، وهذا يقتضي مطلق المساواة بين المسلم والكافر، لا نفي المساواة المطلقة، فإنها منتفيةٌ عن كل شيئين وإن تماثلا. وبهذه الآية احتجَّ من نفى القصاص بينهم وبين المسلمين.
وأيضًا، فالذمي تَبَعٌ لنا في الدار، وليس بأصلٍ من أهل الدار، ولهذا عند الشافعي يؤدِّي الجزية أجرةً لمكان السكنى والتبسط في دار الإسلام، ولهذا متى نقض العهد أُلحق بمأمنه، وأُخرج من دارنا وأُلحق بداره، فهو في دار الإسلام أُجرِي مُجرى الساكن المنتفع، لا مُجرى الساكن الحقيقي. وحقُّ السكنى لا يقوى على انتزاع الشِّقص من يد مالكه، وقد قال تعالى:{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}[الأنبياء: ١٠٤]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لليهود:"اعلموا أن الأرض لله ورسوله"(١). فعباده الصالحون هم وارثوها، وهم المُلَّاك لها على الحقيقة، والكفار فيها تَبَعٌ ينتفعون بها لضرورة إبقائهم بالجزية، فلا يساوون المالكين حقيقةً، ولهذا منعهم كثيرٌ من الأئمة من شراء الأرض العشرية، لما في ذلك من إسقاط حقّ المسلم من العُشْر الذي يجب، فكيف يسلَّطون على انتزاع نفس أرض المسلم وعقاره منه قهرًا؟
(١) أخرجه البخاري (٣١٦٧) ومسلم (١٧٦٥) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.