للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذا محض قياس الأصول، ولكن هذا حقٌّ للمسلم على المسلم، فلا حقَّ للذمي فيه كسائر الحقوق التي لأهل الإسلام بعضهم على بعضٍ، وإذا كان كثيرٌ من الفقهاء يمنعون الذمي من التمليك بالإحياء، كعبد الله بن المبارك والشافعي وأحمد في رواية وكثيرٍ من المالكية (١)، مع أن الإحياء لا يتضمن انتزاع ملك مسلم منه، فلأن يُمنع من انتزاع أرض المسلم وعقاره منه قهرًا أولى وأحرى.

وأيضًا، فإذا مُنع من مشاركة المسلم في تجديد الملك فيما هو مشتركٌ ــ وفيه عِمارةُ دار الإسلام ــ فأحرى أن يُمنع من انتزاع عقارٍ ثبت عليه مِلْك المسلم واختصَّ به، فإن إزالة الملك الخاص وانتزاعه من المسلم قهرًا أشدُّ ضررًا من المشاركة فيما هو مشتركٌ بين العموم.

وليس مع الموجبين للشفعة نصٌّ من كتاب الله ولا سنةٌ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا إجماعٌ من الأمة (٢)، وغاية ما معهم إطلاقاتٌ وعموماتٌ، كقوله: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة فيما لم يُقْسَم (٣)، وقوله: "من كان له شريكٌ في ربعةٍ أو حائطٍ فلا يحلُّ أن يبيعَ حتى يُؤذِنَ شريكَه" (٤)، ونحو ذلك مما لا يُعرَض فيه للمستحق، وإنما سِيقت لأحكام الأملاك لا لعموم الأملاك من


(١) انظر: "المغني" (٨/ ١٤٧، ١٤٨).
(٢) انظر: "المغني" (٧/ ٥٢٤).
(٣) أخرجه البخاري (٢٢٥٧) ومسلم (١٦٠٨) من حديث جابر - رضي الله عنه -.
(٤) أخرجه مسلم (١٦٠٨) من حديث جابر.