للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منه، وهذا قول مطرِّفٍ وابن الماجشون (١).

والذين يملِّكونه بالإحياء اختلفوا فيما أحياه، هل يلزمه عنه خراجٌ أو عشر، أو لا يلزمه شيء من ذلك؟

فقال صاحب "المحرر" (٢): والذمي كالمسلم في الملك بالإحياء، نص عليه، لكن إن أحيا مواتَ عنوةٍ لزمه عنه الخراج، وإن أحيا غيره فلا شيء عليه فيه. ونقل عنه حربٌ: عليه عشْرُ ثمرِه وزرعه.

والمقصود أنا إن قلنا: لا يملك الذمي بالإحياء بطل الاستدلال به، وإن قلنا: يملك به فالفرق بينه وبين تملكه بالشفعة من وجوهٍ ثلاثةٍ:

أحدها: أنه بالإحياء لا ينتزع ملك مسلم منه، بل يُحيي مواتًا لا حقَّ فيه لأحدٍ ينتفع به، فهو كتملُّك المباحات من الحطب والحشيش والمعادن وغيرها.

الثاني: أنه ليس في إحيائه ضررٌ على المسلم ولا قهرٌ وإذلالٌ له، بخلاف تسليطه على إخراجه من داره وأرضه، واستيلائه هو عليها.

الثالث: أنه بالإحياء عامرٌ للأرض الموات، وفي ذلك نفعٌ له وللإسلام، بخلاف قهره للمسلم وأخذ أرضه وداره منه، وإخراجه منها، فقياس الأخذ بالشفعة على الإحياء قياس باطلٌ.


(١) "عقد الجواهر الثمينة" (٣/ ١٧).
(٢) (١/ ١٦٧).