للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال المصححون: لا حجة لكم في شيء مما ذكرتم.

أما أثر عبد الرحمن بن عوفٍ، فإن الإمام أحمد قال في رواية مهنا (١): حديث يُروى أن عبد الرحمن بن عوفٍ قال لعمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -: "ليس طلاق أهل الشرك بشيء" ليس له إسناد (٢). فهذا جواب أحمد.

وأجاب القاضي بأن هذا محمولٌ على جواز أنكحتهم لذوات المحارم، فإن الطلاق لا يقع فيه. وهذا من أفسد الأجوبة، وكيف يقول له عمر في نكاح أمه وابنته: لا آمرك ولا أنهاك؟ وكيف يقول له عبد الرحمن: لكني آمرك، ليس طلاقك بشيء، ولم يكن في العرب من يستحلُّ نكاحَ ذوات المحارم كالمجوس؟

وعندي جوابٌ آخر، وهو أن الطلاق كان في الجاهلية بغير عددٍ كما قالت عائشة: كان الرجل يطلق امرأته ما شاء أن يطلِّقها، وهي امرأته إذا ارتجعها وهي في العدة، وإن طلقها مائة مرةٍ أو أكثر، حتى قال رجل لامرأته، والله لا أطلِّقك فتبيني منّي، ولا آوِيكِ أبدًا، قالت: وكيف ذلك؟ قال: أطلِّقك، فكلما همَّت عدَّتُك أن تنقضيَ راجعتُكِ. فذهبت المرأة حتى دخلت على عائشة - رضي الله عنها - فأخبرتْها، فسكتتْ عائشة حتى جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته فسكت، حتى نزل القرآن: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ٢٢٧]، قالت: فاستأنف الناس الطلاق مستقبلًا، من


(١) كما في "الجامع" للخلال (٥٦٩).
(٢) أي: ليس له إسناد متصل، وقد سبق أنه رواه قتادة مرسلًا.