للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان طلَّق ومن لم يكن طلَّق. رواه الترمذي (١) متصلًا، ثم رواه عن عروة، لم يذكر فيه عائشة، وقال: هذا أصح.

وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "واستحللتم فروجهن بكلمة الله" (٢) فما أصحَّه من حديث! وما أضعفَ الاستدلالَ به على بطلان أنكحة الكفار! وقد أجاب عنه أصحاب الشافعي وأحمد بأن كلمة الله هي لفظ الإنكاح والتزويج اللذين لا ينعقد النكاح إلا بهما.

وهذا جوابٌ في غاية الوهن، فإن "كلمة الله" هي التي تكلَّم بها، ولهذا أضيفت إليه. وأما الإيجاب والقبول فكلمة المخلوق، فلا تُضاف إلى الله، وإلا كان كل كلامٍ تكلَّم به العبد يضاف إلى الرب، وهذا باطلٌ قطعًا، فإن كلمة الله كسمع الله وبصره وقدرته وحياته وعلمه وإرادته ومشيئته، كل ذلك للصفات القائمة به، لا للمخلوق المنفصل عنه.

والجواب الصحيح أن هذا خطاب للمسلمين، ولا ريبَ أنهم إنما استحلُّوا فروج نسائهم بكلمة الله وإباحته. أما المبتدأ نكاحُها في الإسلام فظاهرٌ، وأما المستدام نكاحُها فإنما استُدِيم بكلمة الله أيضًا، فلا يمس الحديثُ محلَّ النزاع بوجهٍ.

وأما قولكم: كل آيةٍ أباحت النكاح في القرآن فالخطاب بها للمسلمين،


(١) رقم (١١٩٢). وأخرجه أيضًا الحاكم في "المستدرك" (٢/ ٢٧٩، ٢٨٠) وصححه، والبيهقي (٧/ ٣٣٣). وفي إسناده يعلى بن شبيب ليّن الحديث.
(٢) جزء من حديث جابر عند مسلم، وقد تقدم قريبًا.